طور الدكتور ” إريك شوبلر ” برنامج علاج وتربية الأطفال التوحديين ومشكلات التواصل المشابهة ( تيتش ) في عام 1972 . وقد كان أول برنامج تربوي مختص بتعليم الأشخاص التوحديين
يقوم برنامج تيتش على أسس تأخذ بعين الإعتبار صفات التوحد الاساسية وطرق تعليم الأشخاص التوحديين التي ثبتت فعاليتها في دراسات علمية موثقة . وتعتبر أهم ركيزة للبرنامج هي تعليم الاشخاص التوحديين من خلال نقاط قوتهم والتي تكمن في إدراكهم البصري وتعويضهم عن نقاط الضعف لديهم والتي هي فهم اللغة والبيئة ويتم ذلك من خلال تنظيم البيئة واستخدام معينات بصرية
مثل : الصور والكلمات المكتوبة . بالاضافة الى تعليم التلاميذ يهتم برنامج تيتش بتدريب المختصين والاسر ممن يتعاملون مع أشخاص توحديين إذ تقام دورات تدريبية في جميع أنحاء العالم .
الهدف الأساسي من برنامج تيتش هو تجنب الأشخاص التوحديين الدخول أو البقاء في مصحات نفسية لمعالجة الأمراض العقلية ويتم ذلك من خلال تعليمهم مهارات لغوية إجتماعية وتحضيرهم للتعامل والتكيف والعمل في بيئة المنزل والمدرسة والمجتمع بشكل عام .
مبادىء وطرق التعليم
التعليم المنظم
تتسم البيئة التعليمية لبرامج تيتش بطابع مميز , فهي مليئة بمعينات ودلائل بصرية مثل الصور والكلمات المكتوبة والمواد بهدف تمكين الطالب من التكيف مع البيئة فالشخص الذي يعاني من التوحد قد يبدي السلوكيات التالية :
القلق والتوتر في بيئات إعتيادية مما يعيق تعلم التلميذ وتقدمه .
التعلق بالروتين .
صعوبات في فهم بداية ونهاية الأنشطة وتسلسل الأحداث اليومية بشكل عام .
صعوبات في الإنتقال من نشاط الى أخر أو من مكان لأخر .
صعوبات في فهم الكلام .
صعوبات في فهم الأماكن والمساحات في البيئة .
تفضيل التعلم من خلال الادراك البصري تعويضا عن اللغة الملفوظة .
فلهذا لمعالجة هذه الصعوبات التي يغلب ظهورها في بيئات تعليمية إعتيادية , طور الدكتور أريك شوبلر مفهوم التعليم المنظم (Structured teaching ) للأشخاص التوحديين . بناءً على هذه الدراسة أصبح التعليم المنطم ” دمغة ” أو طابعا ً مميزا ً لبرنامج تيتش .
هنالك خمس ركائز للتعليم المنظم :
1. تكوين روتين محدد .
2. تنظيم المساحات .
3. الجداول اليومية .
4. تنظيم العمل .
5. التعليم البصري .
1) تكوين روتين محدد :
يشمل الروتين الجوانب التالية :
1. تسلسل الأحداث خلال اليوم .
2. تسلسل الأحداث خلال الأسبوع .
3. كيفية البدء بنشاط ما .
4. خطوات النشاط .
5. الانتقال الى النشاط التالي .
6. متى سيقع النشاط .
7. مقدار المدة التي يستغرقها كل نشاط .
8. ما يتعلق بالنشاط من مواد واشخاص وكيفية عرضه .
9. الأمكنة التي ستمارس فيها النشاطات .
بما أن الشخص التوحدي يجد صعوبة في فهم تسلسل الأحداث خلال اليوم بأكمله لهذا يقوم المسؤولين تعليم الأشخاص ذوي التوحد بتوضيح تسلسل الأحداث اليومية في المنزل أو المدرسة للتلاميذ من خلال إتباع روتين معين يشمل العناصر التي ذكرت أعلاه .
2) تنظيم المساحات :
إن بعض الأشخاص التوحديين يجدون صعوبة في فهم المساحات في البيئة , ينبغي تنظيمها بشكل يفهمها التلميذ من خلال تحديد بداية ونهاية المسارات مثل : مساحة اللعب الحر ومساحة الانظار ومساحة الكرسي والمساحة الخاصة بالتلميذ يجب التنويه الى أنه ليس جميع التوحديين يواجهون مثل هذه الصعوبة إلا أن هنالك دلائل تشير الى وجود مثل هذه الصعوبات . فإن لاحظ المختصون الامور التالية فقد يدل هذا على إحتياج التلميذ لتنظيم المساحات في البيئة :
1. يكثر تجوله دون اتجاه معين فيبدو وكأنه في حالة ضياع .
2. يكثر تعثره على الأشياء والوقوع على الأرض .
3. يعاني تأخرا ذهنيا شديدا أو أنه لا زال صغير السن.
4. يصعب عليه التنقل من مكان نشاط الى أخر فقد يتوقف في مكانه أو يتجه الى المكان الغير مطلوب .
5. يستمر في غلق وفتح الأبواب بشكل متكرر .
في التعامل مع هؤلاء التلاميذ يمكن تحديد مساحات العمل من خلال تنظيم الأثاث وأرفف الكتب أو العمل والملصقات والسجاجيد . وعلى سبيل المثال :
يمكن وضع شريط لاصق على الأرض لتحديد مساحة أماكن الأنشطة كاللعب الحر أو الحلقة الصباحية وغير ذلك . وبالإضافة الى ذلك يمكن وضع سجادة بحجم مكان النشاط . أما في حالة عدم إستخدام نفس المساحة لأكثر من نشاط واحد , فيفضل إستخدام إشارة لتدل التلميذ على النشاط الذي سيقوم بأدائه . مثلا إذا كانت مساحة اللعب الحر ستُسخدم أيضا لنشاط الحلقة الصباحية فقد يضع المعلم سجاجيد صغيرة بحجم 50×50 سم ليجلس عليها التلميذ في حلقة الصباح ويخفيها في فترة اللعب الحر ليجعل من هذه السجاجيد إشارة تساعد التلميذ على التمييز بين نشاط الحلقة ونشاط اللعب الحر .
- يمكن وضع أرفف أو حواجز لتحديد باقي أماكن الأنشطة .
- يمكن مساعدة التلميذ على التمييز من نشاط وآخر من خلال ألوان عناصر الأثاث فمثلا : قد يتم إختيار كرسي وطاولة باللون الأزرق لإكمال الأنشطة الفردية ( التي يقوم بها التلميذ مع معلمه ) وباللون الأصفر لإكمال الأنشطة المستقلة ( التي يقوم بها التلميذ بإنفراد دون مساعدة ) وفي مثل هذه الأحوال ينبغي أن تعكس صور الجداول ألوان الأدوات المستخدمة لكل نشاط . وهكذا ستكون صور النشاط المستقل في الجدول عبارة عن كرسي وطاولة باللون الأصفر وصور النشاط الفردي في الجدول عبارة عن كرسي وطاولة باللون الأزرق .
3) الجداول اليومية :
نظرا للصعوبات التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون التوحد في فهم الوقت وتسلسل الأحداث اليومية كان من الضروري إستخدام جداول فردية تدلهم على تسلسل الأحداث اليومية . هذه الجداول تساعدهم على تنظيم وقتهم وفهم البيئة , ومعرفة الاحداث اليومية والاسبوعية والشهرية والسنوية . وحين يعرفون تسلسل الأحداث ويتمكنون من التنبؤ بما سيحدث خلال يومهم تنخفض درجة التوتر لديهم مما يساعدهم الى حد كبير على التعلم .
4) تنظيم العمل :
يصعب على الأطفال التوحديين فهم بداية ونهاية كل نشاط . ولمعالجة مثل هذه الصعوبة , ينبغي العمل بشكل يوضح للتلميذ ما يلي :
ما هو مطلوب ؟
كم هي كمية العمل ؟
كيف يعرف الطفل أن العمل إنتهى ؟
ما هو النشاط الذي سيلي ؟
هنالك عدة طرق للقيام بمثل هذا التنظيم من بينها إستخدام السلات . يكون التلميذ جالسا على الكرسي وأمامه طاولة العمل . يضع المعلم أرففا من السلات على يمين التلميذ وأرففا أخرى من السلات على يساره بالقرب من طاولة العمل , على أن يكون التلميذا قادرا على رؤية هذه السلات وما في داخلها . ويضع المعلم في كل سلة على يمين التلميذ نشاطا ينبغي على التلميذ أن يعمل عليه . وعند الإنتهاء من النشاط يطلب المعلم من التلميذ أن يضعه في إحدى السلات التي على يساره . مثل هذا الاجراء يدل التلميذ على كمية العمل التي ينبغي إنهائها من خلال رؤية الأنشطة الموضوعة في السلال التي على يمينه , ويدله ذلك على وقت الإنتهاء منها ( فهو يضعها في السلال التي على يساره وعندما ينتهي منها ) . ويمكن كذلك تنظيم هذه العملية بشكل أدق من خلال وضع بطاقات بألوان مختلفة على الطاولة التي يستعد التلميذ لأن يعمل عليها . قد يتراوح عدد البطاقات من 2-5 , بعدد سلات العمل . يلي هذه البطاقات بطاقة تدل التلميذ على ما سيقوم به بعد أن ينتهي من الأنشطة . وفي معظم الأحيان يكون المطلوب من التلاميذ التوجه الى جداولهم . وبالتالي يضع المعلم صورة الجدول كدلالة للتلميذ على أن عليه التوجه الى جدوله بعد الإنتهاء من النشاط . فيما يلي خطوات توضح إحدى طرق تدريب التلميذ على إتباع روتين تنظيم العمل :
1. تلصق جميع البطاقات على طاولة العمل بالفلكرو , بما في ذلك البطاقات الملونة وصورة جدول التلميذ مثلا : نفترض ان عدد السلال عل يمين التلميذ هو ثلاث سلال . قد نضع كرتا بحجم 3×5 أو أكبر باللون الأصفر في أعلى طاولة العمل , يلي ذلك بطاقة باللون الأحمر , وتحتها أخرى باللون الأزرق ويلي ذلك بطاقة صورة الجدول .
2. نضع بطاقات مطابقة لها في سلات العمل على يمين التلميذ وبنفس الترتيب فنضع على طرف السلة الأولى وليس بداخلها كيسا بلاستيكيا فيه بطاقة صفراء وفي السلة الثانية كيسا بلاستيكيا فيه بطاقة حمراء , وفي السلة الثالثة والاخيرة كيسا بلاستيكيا فيه بطاقة زرقاء .
3. يقوم التلميذ بأخذ أول بطاقة من طاولة العمل ويضعه في الكيس البلاستيكي الذي فيه البطاقة المطابقة للتي في السلة الأولى ( أي البطاقة الصفراء في هذا المثال ) .
4. يقوم التلميذ بإنجاز النشاط الذي في السلة الأولى , وعند الإنتهاء منه , يضعه في السلة التي على يساره .
5. يقوم التلميذ بأخذ البطاقة الثانية من طاولة العمل ويضعها على البطاقة المطابقة لها ( أي في السلة الثانية من سلال العمل ) .
6. يقوم بإنجاز النشاط الذي في السلة , وعند الإنتهاء منه يضعه في السلة التي على يساره . ويستمر في العمل هكذا الى أن يتم الأنشطة .
7. يأخذ بطاقة الجدول ويتجه به الى جدوله .
5) التعليم البصري :
المقصود بالتعليمات البصرية إرشادات من خلال استخدام دلائل بصرية كالصور والكلمات المكتوبة . وعلى سبيل المثال , كي يتعلم التلميذ خطوات غسل اليدين , يقوم المعلم بعرض عدد من الصور , تدل كل صورة منها على خطوة من خطوات العمل . تلصق هذه الصور فوق المغسلة التي يقوم التلميذ بإستخدامها